الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة البقرة: الآيات 219- 220]: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)}..اللغة: {الْخَمْرِ} سمّيت الخمر بالمصدر من خمره خمرا إذا ستره للمبالغة في تضييعها للعقول وسترها وإخفائها. وقيل: إنما سميت الخمر خمرا لأنها تركت حتى أدركت، يقال: اختمر العجين أي بلغ إدراكه، وقيل: إنما سميت الخمر خمرا لأنها تخالط العقل، من المخامرة وهي المخالطة، وهذه المعاني الثلاثة متقاربة موجودة في الخمر، وهذا موجز لبعض أسماء الخمر التي هي صفات:الشمول: لأنها تشمل القوم بريحها.المشمولة: التي أبرزت للشمال.الرحيق: صفوة الخمر التي ليس فيها غش.الخندريس: القديمة منها.الحمّيا: الشديدة منها.العقار: بضم العين لأنها عاقرت الدّزّ.الراح: لأن شاربها يرتاح لها أو التي يستطيب ريحها، ويقال: بل التي يجد بها روحا. وقد جمع ابن الرومي معاني الراح بقوله:المدامة: التي أديمت في مكانها حتى سكنت حركتها.المعتقة: التي أديمت في مكانها حتى عتقت.القهوة: هي التي تقهي صاحبها، أي تذهب بشهوة طعامه.السلاف: التي تحلب عصيرها من غير عصر.الصهباء: لأنها تترجح بين الحمرة والشقرة.الكميت: بضم الكاف لما فيها من سواد وحمرة.القرقف: لبرودتها. وغير ذلك.{الْمَيْسِرِ} مصدر ميمي من يسر كالموعد والمرجع، يقال: يسرته: إذا قمرته، وقمره: غلبه بالقمار. قال الشاعر: واشتقاق الميسر إما من اليسر لأن فيه أخذ المال بيسر من غير كدّ وتعب، وإما من اليسار أي الغنى لأنه سبب له. وقد تفنّن البشر، إلى اليوم، في ألعاب الميسر المحرمة عقلا وشرعا لأنها مفسدة ما بعدها مفسدة. قال أديب إسحق من شعراء العصر الحديث: {الْعَفْوَ} الزيادة عن الحاجة. .الإعراب: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} فعل وفاعل ومفعول به والجار والمجرور متعلقان بيسألونك والميسر معطوف على الخمر والجملة مستأنفة مسوقة لبيان تحريم الخمر والميسر لما فيهما من مفاسد اجتماعية ضارة {قُلْ} فعل أمر وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت والجملة مستأنفة أيضا {فِيهِما} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم {إِثْمٌ} مبتدأ مؤخر {كَبِيرٌ} صفة لإثم، والجملة الاسمية مقول القول: {وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ} عطف على إثم، وللناس جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {وَإِثْمُهُما} الواو عاطفة وإثم مبتدأ والهاء مضاف إليه، والميم والألف حرفان دالّان على التثنية {أَكْبَرُ} خبر {مِنْ نَفْعِهِما} الجار والمجرور متعلقان بأكبر {وَيَسْئَلُونَكَ} عطف على يسألونك {ما ذا يُنْفِقُونَ} تكرّر إعرابها فجدّد به عهدا {قُلْ} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والجملة مستأنفة {الْعَفْوَ} مفعول به لفعل محذوف تقديره أنفقوا والجملة مقول القول: {كَذلِكَ يُبَيِّنُ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف مفعول مطلق أو حال، ويبين فعل مضارع مرفوع {اللَّهُ} فاعل يبين {لَكُمُ} الجار والمجرور متعلقان بيبين {الْآياتِ} مفعول به {لَعَلَّكُمْ} لعل واسمها {تَتَفَكَّرُونَ} فعل مضارع وفاعل والجملة خبر لعل وجملة الرجاء حالية وجملة كذلك يبين إلخ مستأنفة {فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ} الجار والمجرور متعلقان بتتفكرون أو بيبين فالمعنى على الأول: فيما هو صلاحكم في الدارين وعلى الثاني يبين لكم الآيات فيما ينفعكم في الدارين {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى} تقدم إعرابها {قُلْ} فعل أمر وفاعل مستتر والجملة مستأنفة {إِصْلاحٌ} مبتدأ وسوغ الابتداء به وصفه بالجار والمجرور {لَهُمْ} الجار والمجرور صفة لإصلاح {خَيْرٌ} خبر إصلاح والجملة الاسمية مقول القول: {وَإِنْ} الواو استئنافية وإن شرطية {تُخالِطُوهُمْ} فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به أي تحسنوا معاشرتهم بالمخالطة والمعاشرة الطيبة {فَإِخْوانُكُمْ} الفاء رابطة لجواب الشرط وإخوانكم خبر لمبتدأ محذوف أي فهم إخوانكم، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط. ولابد من تقدير محذوف أي فلكم ذلك ثم علل ذلك بقوله: فهم إخوانكم {وَاللَّهُ} الواو استئنافية والواو مبتدأ {يَعْلَمُ} الجملة خبر المبتدأ وفاعل يعلم ضمير مستتر يعود على اللّه تعالى: {الْمُفْسِدَ} مفعول به {مِنَ الْمُصْلِحِ} الجار والمجرور متعلقان بيعلم لتضمنه معنى يميز {وَلَوْ} الواو استئنافية ولو شرطية {شاءَ اللَّهُ} فعل وفاعل، ومفعول المشيئة محذوف تقديره إعناتكم {لَأَعْنَتَكُمْ} اللام واقعة في جواب لو وأعنتكم فعل وفاعل مستتر ومفعول به وجملة لأعنتكم لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم {إِنَّ اللَّهَ} إن واسمها {عَزِيزٌ حَكِيمٌ} خبر إن، والجملة لا محل لها لأنها بمثابة التعليل..الفوائد: لمحة تاريخية أدبية: نزلت في الخمر أربع آيات:1- الأولى نزلت في مكة وهي: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا} فكان المسلمون يشربونها وهي حلال لهم.2- والثانية نزلت في المدينة فقد أتى عمر بن الخطاب ومعاذ ابن جبل وجماعة من الأنصار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: يا رسول اللّه أفتنا في الخمر فانها مذهبة للعقل مسلبة للمال؟ فتركها قوم لقوله: {قل فيهما إثم كبير}.3- والثالثة أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما ودعا إليه ناسا فشربوا وسكروا، وحضرت صلاة المغرب، فقدموا أحدهم ليصلي بهم، فقرأ: {قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون} بحذف لا.النافية، فأنزل اللّه تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} فقلّ من يشربها.4- والرابعة أن عتبان بن مالك دعا قوما فيهم سعد بن أبي وقاص إلى طعام وشراب، فأكلوا وشربوا الخمر حتى أخذت منهم، فلما سكروا افتخروا وتناشدوا الأشعار، حتى أنشد سعد شعرا فيه هجاء الأنصار، فضربه أنصاري بلحي بعير فشجه، فانطلق سعد إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وشكا إليه الأنصاري، فقال عمر:اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا، فأنزل اللّه تعالى: {إنما الخمر والميسر} إلى قوله: {فهل أنتم منتهون} فقال عمر: انتهينا يا رب..[سورة البقرة: آية 221]: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}..الإعراب: {وَلا} الواو استئنافية ولا ناهية {تَنْكِحُوا} بفتح التاء مضارع نكح مجزوم بلا والواو فاعل {الْمُشْرِكاتِ} مفعول به وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم {حَتَّى يُؤْمِنَّ} حتى حرف غاية وجر ويؤمن فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة وهو في محل نصب بأن مضمرة بعد حتى ونون النسوة فاعل والجار والمجرور من حتى والمصدر المؤول متعلقان بتنكحوا {وَلَأَمَةٌ} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لبيان الفرق بين المؤمنة والمشركة واللام للابتداء وأمة مبتدأ، وساغ الابتداء بالنكرة لوصفها {مُؤْمِنَةٌ} صفة لأمة {خَيْرٌ} خبر {مِنْ مُشْرِكَةٍ} الجار والمجرور متعلقان بخير {وَلَوْ} الواو للحال ولو شرطية بمعنى إن {أَعْجَبَتْكُمْ} فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هي يعود على الأمة والكاف مفعول به، وجملة أعجبتكم خبر لكان المحذوفة هي واسمها بعد لو، وجملة لو أعجبتكم حالية والمعنى ولأمة مؤمنة خير من مشركة حال كونها قد أعجبتكم لجمالها ومالها، وسيأتي مزيد بيان لذلك في باب الفوائد {وَلا} الواو عاطفة ولا ناهية {تَنْكِحُوا} بضم التاء مضارع أنكح مجزوم بلا والواو فاعل {الْمُشْرِكِينَ} مفعول به {حَتَّى يُؤْمِنُوا} حتى حرف غاية وجر ويؤمنوا فعل مضارع مجزوم بأن مضمرة بعد حتى {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} تقدم إعراب مثيلتها {أُولئِكَ} اسم الإشارة مبتدأ {يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} الجملة خبر اسم الاشارة والجملة مستأنفة مسوقة لبيان الحكمة في ذلك، ولك أن تجعلها مفسرة. وعلى كل حال لا محل لها {وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ} عطف على ما تقدم {وَالْمَغْفِرَةِ} عطف على الجنة {بِإِذْنِهِ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال أي آذنا بذلك {وَيُبَيِّنُ آياتِهِ} عطف على يدعو وآياته مفعول به وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة {لِلنَّاسِ} الجار والمجرور متعلقان بيبين {لَعَلَّهُمْ} لعل واسمها {يَتَذَكَّرُونَ} الجملة الفعلية خبر لعل، وجملة الرجاء حالية..الفوائد: يطرد حذف كان واسمها وبقاء خبرها بعد إن ولو الشرطيتين، وسيرد تفصيل ذلك في مواضعه.لمحة تاريخية: في هذه الآية تهذيب رفيع وتعاليم إنسانية رائعة وشجب للتمييز العنصري واللوني، قيل: نزلت هذه الآية في عبد اللّه ابن رواحة، وقد كانت عنده أمة سوداء فغضب عليها يوما فلطها ثم أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره، فقال له النبي: وما هي يا عبد اللّه؟ قال: هي تشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه وتصوم رمضان وتحسن الوضوء وتصلّي قال: هذه مؤمنة قال عبد اللّه:فوالذي بعثك بالحقّ لأعتقنّها ولأتزوّجنّها ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين فقالوا: أتنكح أمة وعرضوا عليه حرّة مشركة فنزلت..[سورة البقرة: الآيات 222- 223]: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}..اللغة: {الْمَحِيضِ} مصدر ميمي أو اسم زمان، والحيض: سيلان الدم.والتفصيل فيه مبسوط في كتب الفقه..الإعراب: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} كلام معطوف على الأحكام المتقدمة ويلاحظ أنه صدر السؤال بالواو ثلاث مرات وجاء مجردا منها أربع مرات، لأن ما جاء مقترنا بالواو حدث السؤال عنه في وقت واحد فحسن عطفه بالواو، أما حيث تختلف الأزمنة في السؤال فقد جاء الكلام مجردا من الواو تنبيها على انقطاع المدد وتفاوتها. وهذا من أسرار القرآن ومعاجزة البديعة. وعن المحيض متعلقان بيسألونك {قُلْ} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والجملة مستأنفة {هُوَ} مبتدأ {أَذىً} خبر والجملة الاسمية مقول القول: {فَاعْتَزِلُوا} الفاء الفصيحة أي إذا شئتم معرفة حكمه فاعتزلوا، والجملة بعدها لا محل لها من الاعراب لأنها جواب شرط غير جازم {النِّساءَ} مفعول به {فِي الْمَحِيضِ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال أي متلبّسات بالمحيض {فَإِذا} الفاء عاطفة وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه {تَطَهَّرْنَ} فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة تطهرن في محل جر بالإضافة {فَأْتُوهُنَّ} الفاء رابطة لجواب إذا وأتوهن فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم {مِنْ حَيْثُ} من حرف جر وحيث ظرف مكان مبني على الضم في محل جر بمن والجار والمجرور متعلقان بأتوهن {أَمَرَكُمُ اللَّهُ} فعل ماض ومفعول به وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة {إِنَّ اللَّهَ} إن واسمها {يُحِبُّ} فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر تقديره هو يعود على اللّه تعالى والجملة في محل رفع خبر إن {التَّوَّابِينَ} مفعول به وجملة إن وما تلاها تعليلية لا محل لها {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} عطف على جملة يحب التوابين {نِساؤُكُمْ} مبتدأ {حَرْثٌ} خبر {لَكُمْ} الجار والمجرور صفة لحرث {فَأْتُوا} الفاء استئنافية وأتوا: فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل {حَرْثَكُمْ} مفعول به. والجملتان الاسمية والفعلية مستأنفتان مسوقتان لبيان الحكم في هذه المسألة الاجتماعية، فقد اعتزل المسلمون نساءهم عملا بظاهر آية المحيض، فأخرجوهن من البيوت، فقال ناس من الأعراب: يا رسول اللّه البرد شديد والثياب قليلة، فإن آثرناهن بالثياب هلك سائر أهل البيت، وإن استأثرنا بها هلكت الحيّض! فقال: إنما أمرتكم أن تعتزلوا مجامعتهنّ، ولم تؤمروا بإخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم. ثم إن اليهود جريا على عادتهم في المكابرة واللجاج وإحداث التفرقة والبلبلة أخذوا يروّجون أقوالا لا حقيقة لها. منها قولهم: من أتى امرأته في قبلها من جهة دبرها جاء الولد أحول، فنزلت الآية الثانية والثالثة تسهيلا على العباد وتوفيرا للذتهم، كما سيأتي في باب البلاغة {أَنَّى شِئْتُمْ} مفعول فيه ظرف مكان متعلق بأتوا، وجملة شئتم في محل جر بالإضافة {وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} عطف على ما تقدم {وَاتَّقُوا اللَّهَ} عطف أيضا {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ} عطف آخر، وأن وما في حيزها سدّت مسد مفعولي اعلموا، وملاقوه خبر أن وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} عطف آخر على ما تقدم..البلاغة: 1- التشبيه البليغ: فقد شبّه النساء بالحرث أولا لما بين ما يلقى في أرحامهن من النّطف وبين البذور من المشابهة، ووجه الشبه أن كلا منهما مادة ما يحصل منه.2- الكناية، فقد كنّى بإتيان الحرث في أية كيفية عن إتيان المرأة في الكيفية التي يشاؤها المرء من غير حظر ولا حرج ما دام المأتى واحدا وهو موضع الحرث.
|